Tuesday 1 August 2017


حسن الحارثي المبدع السابق لعصره

هو بالنسبة لي حكاية حب لن تنتهي في وجوده في عالمنا ،او غيابه.
لكني لما قررت ان اكتب عنه بكيت ولم استطع أن أكتب شيئا عن ذكريات لا تمحى، وتفاصيل قصة لا تشبه القصص.
وأيقنت أني لن استطيع أن أكتب عن حسن الزوج فالكلمات بقزامتها لا تقوى حمل المشاعر العملاقة، لكني سأتحدث عن حسن الإنسان المبدع الذي منذ تزوجته قبل سنوات وآمنت به وبتميز موهبته لم يخذل إيماني به.
لم يكن حسن يكتب مقالاته وكأنها واجب عليه أن ينجزه بل كان رغم إنشغالاته كأنه يدخل عالم من نور ليكتب ،حتى وان كان يكتب مقالته في القطارات او المطارات ،ويطبع الاحرف في شاشة جواله .
علمني حسن كيف يمكن أن تكون نهاية المقال هي البداية ... وكيف أن عنوان المقال صناعة إحترافية ،وادخلني الى عالم الدراما والمسرح واقتربت الى عالم الفلسفة، فقد كان عاشقا للقراءة .
"صحيفة انحاء" كانت حلم حسن الذي استانس به عن واقع احباطات الصحافة الورقية ، في لحظات اشفاقي عليه من انشغاله بها كنت اقترح عليه تغيير الحلم ، لكنه كان يتحدث عنها كطفلته الصغيرة ومع الوقت آمنت انها حبيبته فأحببتها كثيرا .
عندما إقترحت عليه أن يكمل الماجستير اعجبته الفكرة وكنا نبحث عن البرامج في الجامعات البريطانية عن برنامج عن كتابة السيناريو لانه كان متحمس لهذا النوع من الفنون ، وقتها ترجمنا "سيناريوهات" كتبها لبرنامج "واي فاي" وتم قبوله في الجامعة ، وكان لحسن الحظ برنامجا تطبيقيا دفع بموهبة حسن بقوة إلى الظهور والانتقال من مرحلة الكتابة الصحفية إلى مرحلة احتراف كتابة السيناريو .
كما ان  مشروع رسالته كان فكرة إبداعية ابهرت مشرفته في الجامعة وسوف ترى النور بعد ترجمتها في كتاب بإذن الله.
في مايو عندما قرر أن يكون معدا لبرنامج " صحوة" الذي يقدمه الزميل الدكتور أحمد العرفج كنت أتوقع أن يكون عملاً مميزاً فقد اعتدت أن يستغرق حسن بشغف في أي عمل يلتزم به.
أعتقد أن إعداده لحلقات برنامج "صحوة" كان إعدادا تجاوز نمطية واقع الإعداد البرامجي، وقد شكل يرحمه الله مع الدكتور أحمد العرفج توليفة سحرية عجيبة لمنتج إعلامي متفرد.
حسن ارتبط بالطبيعة كثيراً وكانت الطائف اجمل اللوح في وجدانه لكنه كان كفنان يلتقط بعينيه اكثر مما يفعل الآخرون ، عدسة كاميرا جواله لم تكن كأي عدسة ، فقد كان يرصد بها لقطات لم اكن ادرك عمقها خاصة في تصويره للقطات من حياة الناس لبرنامج "ون مينت" كنت اتعجب من دقة اهتمامه بتفاصيل الصورة، فلم اكن قريبة من عالم الدراما والصحافة المرئية ولم اتعرف عليها الا بعد ان دخل عالمي ، لكني كنت أوافقه لانبهاري بكيفية قدرته ان يصنع الفكرة ويقدم الرسالة الإعلامية في دقيقة واحدة ، وكلنا يعرف صعوبة الايجاز امام الاسهاب ،وعندما ظهر العمل للنور ادركت الى أي مدى كان حسن محقا في دقته واهتمامه بتفاصيل الصورة وعمق المحتوى.
حسن لم يكن يتوقف عن تصدير الأفكار الإبداعية الجميلة كان عاشقاً لعمله سواء كمدرس للأطفال يعلمهم اللغة الإنجليزية بفرح وسعادة أو كمثقف همه التنوير ودعم الحراك الاجتماعي في مجتمعه.
لم يكن الظهور الإعلامي بالنسبة له يشكل هاجسا فلم يكن يهتم ان يظهر كثيرا في الاعلام المرئي ،لكنه كان يحلم بان يقدم برنامجا يساعد فيه الناس على اعتياد الإيجابية وكانت آخر أفكاره منتج يدعم الأخبار الإيجابية لكنه رحل قبل تنفيذه.
هل قلت كل شيء؟ لا ورب البيت
بالرغم من أن حرفتي الكتابة لكني أعترف بعجزي الآن عن الكتابة عن من اختاره الله إلى جواره صائما في شهر رمضان
كان حسن محباً للفقراء والبسطاء الى درجة كبيرة وما كان يستطيع أن يرد طالبا له في حاجة ، فضلاً عن ارتباطه بالصدقة بشكل كبير ، وكان باراً بأمه وإخوته وأخواته ، حنونا على أسرته" أم يزيد وأولاده" مرتبطاً بهم برغم كل مشاغله يحدثني عنهم كثيرا .
ليرحمه الله ويكرم نزله ويجمعنا به في جنات النعيم.

ناهد باشطح
رمضان 1437

يوليو 2016